موقع متخصص بالشؤون الصينية

مدير مركز الشيخ زايد للدراسات العربية والإسلامية: الأدب جعل العرب والصينيين أصدقاء الروح

0

china-arabic-bassam

صحيفة القبس الكويتية ـ
عمان – مؤيد أبو صبيح:
يسعى الدكتور تشي تشينغ قوه (بسام)، مدير مركز الشيخ زايد للدراسات العربية والإسلامية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، ونائب رئيس جمعية بحوث الأدب العربي في الصين، لإبراز جماليات الأدب العربي من خلال ترجمة أعمال كبار الشعراء العرب، من أمثال الشاعرين الكبيرين أدونيس ومحمود دوريش.
ويؤكد تشينغ قوه في حوار مع القبس أنه دائما يستحضر ما قاله أدونيس عن «الثورات العربية»،مثل «ما أشقى بلدانا تكون ثوراتها كمثل أنظمتها: أنهارا لا ماء فيها»، ويقول إنه يرى في شعر درويش «قوة الحرير وصلابة العسل». وتكمن فرادة درويش برأيه، بقدر ما يعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني ومآسيه وتضحياته. ويضيف أنه اطلع على الأدب الكويتي الذي قال عنه انه يشتمل على أعمال جيدة تتصف بصبغة خليجية تعبر عن هموم الإنسان الخليجي في الظروف الجديدة التي يمر بها الخليج العربي. وفيما يلي نص الحوار.
◗ أنت أستاذ في كلية الدراسات العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، كيف ترى شغف الطلبة الصينيين بتعلم العربية، ولماذا؟
– تشهد الصين حاليا إقبالا جيدا على تعلم اللغة العربية، فهناك نحو 50 جامعة صينية تدرس العربية، ويبلغ عدد طلابها نحو 4000 طالب وطالبة، إضافة إلى عدد أكبر من الشبان في مناطق المسلمين الذين يدرسون العربية في المدارس الثانوية أو في المساجد أو عن طريق التعليم عن بعد. وتختلف دوافع الطلاب في التعلم، حيث يدرسها معظمهم من أجل التوظيف، لأن التبادلات الصينية العربية في كل المجالات تعززت وتوسعت في السنوات الأخيرة، وتحتاج إلى عدد متزايد من الناطقين بالعربية. كما يدرسها بعضهم من أجل التعرف على الثقافة والمجتمعات العربية، ويدرسها بعضهم الآخر للدافع الديني.
◗ التأثر بجبران
◗ ما الذي دفعك لدراسة الأدب العربي والتعاطي معه.. أديبا ومدرسا؟
– بدأت معرفتي بالأدب العربي بقراءة بعض القصص العربية القصيرة، بعد التحاقي بالجامعة، ولكني كنت أشعر دائماً بأن هناك مسافة بيني وبين هذه الأعمال، هل يرجع سبب ذلك إلى الجو الثقافي السائد فيها، أو أساليبها اللغوية غير المألوفة؟، لست متأكداً. وتغلبت على هذه المسافة أخيراً عندما دخلت السنة الثالثة من مرحلتي الجامعية، حيث قرأت الترجمة الصينية لرواية «الأجنحة المتكسرة» لجبران خليل جبران التي نشرت في مجلة صينية. وتأثرت بقصة الحب المأسوي بين بطلي الرواية، وهي مأساة تقترن بمآسي البلاد الشرقية. إنها المرة الأولى التي تذوقت فيها جمال الأدب العربي. وتعمق حبي للأدب العربي مع كثرة قراءاتي للأعمال الأدبية، شعرا ونثرا. وتذكرت أن الأستاذ صاعد تشونغ جيكون، أستاذ متقاعد من جامعة بكين، والرئيس السابق لجمعية بحوث الأدب العربي في الصين، قال ذات مرة، إذا أتيحت له حياة أخرى بعد هذه الحياة، فسيختار دراسة الأدب العربي كمهنة الحياة من جديد. أظن أني أشاركه في هذا الشعور.
◗فتنة بالأدب العربي
◗ كتبت مقالات عدة قلت فيها انك مفتون بالأدب العربي وكبار كتابه، من يعجبك منهم ولماذا؟
– يعجبني كثير من الأدباء والشعراء العرب، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، جبران خليل جبران، الذي يعتبر أشهر الأدباء العرب المعاصرين في الصين، لأن رؤيته إلى العالم والإنسان تتجاوز الحدود المكانية والزمانية لتبلغ الإنسانية الكونية؛ ونجيب محفوظ، الذي أعتبره حكيم الأمة العربية، فرسم بإبداعاته الروائية والقصصية صورا بانورامية للمجتمع المصري القاهري في القرن العشرين، ونجح بشكل خاص في وصف المغامرات الروحية للمثقفين المصريين أمثاله في بحثهم عن الحقيقة والمثل العليا؛ وأدونيس، الذي يسعى بكتاباته الشعرية والنثرية الغزيرة إلى إعادة قراءة الميراث الثقافي العربي ويحاول خلق شعر عربي جديد بغية بناء ثقافة جديدة ومجتمع جديد؛ ومحمود درويش، الذي برع في تقديم صورة مغايرة لصور نمطية يتم تصويرها في وسائل الإعلام الغربية عن الشعب الفلسطيني، وجمال الغيطاني، الذي ينهل أدبه من التراث الفرعوني والإسلامي الصوفي من ناحية، وينفتح على الرؤى العصرية والأساليب الحداثية من ناحية أخرى، مما مكّنه من تقديم أدب بقدر ما يكون مصريا عربيا يكون عالميا كونيا؛ ونوال السعداوي، التي تحدّتْ بجرأة تعريف الثقافة الأبوية لمفهوم المرأة والأنوثة، ورفضت الأدوار التي يفرضها المجتمع الأبوي على النساء، كما ثارت على الفهم الخطأ للدين الذي حوله إلى أداة سياسية تخدم الطبقة الحاكمة أو القوى الظلامية، ولحسن حظي أنني قابلت شخصيا هؤلاء الأدباء الكبار- ما عدا جبران الذي توفي في عام -1931، بل تربطني ببعضهم صداقات جميلة أعتزّ بها كثيرا.
◗ معرفة ومتعة جمالية
◗ قلت ذات مرة في مقالة لك إن الأدب العربي جعلك وغيرك من الصينيين أصدقاء الروح للشعوب العربية، ماذا وجدت في هذا الأدب؟
– يساعدني الأدب العربي على معرفة الشعب العربي بشكل شامل وعميق، بالإضافة إلى المتعة الجمالية التي كثيرا ما أجدها فيه، لأن الأدب يصور الإنسان العربي والمجتمع العربي بشكل حي وحقيقي، حتى الأدب السوريالي أو الرمزي البعيد عن الواقعية في ظاهره، يكشف في جوهره بعض البواطن الجذرية والعميقة في الشخصيات والمجتمعات التي يتناولها هذا الأدب، وإذا قيل في العصور القديمة إن «الشعر ديوان العرب»، فالأدب العربي الحديث، شعرا ونثرا، يعد بلا شك ديوان العرب في العصر الحديث.
◗ الترجمة لأدونيس
◗ تشكل ترجمتك لأعمال الشاعر العربي الكبير أدونيس علامة فارقة في الوسط الشعري والأدبي في الصين اليوم، خصوصا بعد أن لقي ديوانه الأول في الصينية رواجا كبيرا، لماذا اخترت أدونيس وأعماله؟
– رواج شعر أدونيس في الصين يشكل ظاهرة فريدة بكل المقاييس، وقد اخترت لأسباب عديدة أعماله. أولا للقيمة الفنية في شعره، لأن شعره يمتاز بمفردات وصور وصياغات ورؤى جديدة، ليس بالنسبة إلى الشعر العربي فقط، بل بالنسبة إلى الشعر الصيني أيضا. لذا فتح شعره نوافذ وآفاقا جديدة للقراء في الصين للتعرف على جمالية جديدة وفكر جديد. ثانيا لأن شعره -كذلك نثره- يساعد القراء على معرفة وجهَيْ الثقافة العربية، وجه العيوب والمشكلات الذي يتجسد في النظرة السائدة إلى الثقافة والسياسة والإنسان، ووجه القوة والعمق والتجدد الذي يتمثل في أعمال المفكرين والأدباء والفنانين الكبار في التاريخ الثقافي العربي.
أعتقد أن الوسط الثقافي العربي لم يول أدونيس الاهتمام الكافي الذي يستحقه، ولم يقدر أهميته بما ينبغي، وهو شيء مؤسف. أتمنى، بل أثق بأن المستقبل سيبرهن على صحة كلامي هذا. وأعرف أن بعض العرب يستخفون بأدونيس بسبب موقفه النقدي الجريء، وإليهم أهدي ما قاله كاتب صيني عن لوشون الأديب الصيني الأكبر في العصر الحديث «إن الأمة التي لا تنجب شخصيات عظيمة لهي أمة مسكينة، أما الأمة التي أنجبت شخصيات عظيمة ولا تعرف تقديرها والحرص عليها والاعتزاز بها، فهي أمة عديمة الأمل»!
◗ ديوان درويش بالصينية
◗ قلت إنك تعكف حاليا على ترجمة أعمال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، ما الصورة التي ترغب بعرضها عن درويش للصينيين؟
– سبق أن ترجمت عشرات قصائد لمحمود درويش ونشرتها في مجلات أدبية عديدة. وسأنجز قريبا، بالتعاون مع مدرسة شابة في كليتنا، مختارات من شعر درويش لتصدر في ديوان مستقل هو الديوان الأول له باللغة الصينية. .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.