موقع متخصص بالشؤون الصينية

“الدورتان” لتسليط الضوء على أفكار شي

0

صحيفة تشاينا ديلي الصينية 3– 3- 2017
تعريب خاص بـ “نشرة الصين بعيون عربية”

بعد أن تصدّر عناوين الصحف في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بدفاعه القوي عن العولمة، من المتوقع أن يخطف الرئيس شي جين بينغ الأضواء في إجتماع آخر له تأثيره العالمي: الدورتان في بكين.
الدورة الخامسة من اللجنة الوطنية الثانية عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني والدورة الخامسة من المؤتمر الثاني عشر لمجلس الشعب الوطني، سيتم (تمّ) افتتاحهما الجمعة والأحد على التوالي.
الدورة السنوية لأعلى هيئة تشريعية وأعلى هيئة استشارية سياسية هي من بين أهم الأحداث السياسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
مجلس الشعب هو أعلى هيئة لسلطة الدولة، يتيح للشعب الصيني ممارسة سلطاته على أنه “سيد الدولة”. حيث سيتم انتخاب قادة الدولة الجدد في دورة مجلس الشعب المنعقدة في آذار/مارس 2018 بعدها يقوم المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني بانتخاب قيادة جديدة للحزب لاحقاً هذا العام.
تم إنتخاب شي رئيساً للصين في الدورة الأولى لمجلس الشعب الثاني عشر في آذار/مارس 2013. تم انتخابه أميناً عاماً للّجنة‎ المركزية للحزب الشيوعي الصيني في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الذي سبقه في المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني.
دورتا هذا العام هما الأولتان منذ ‎تسمية شي جينبينغ “قلب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني” في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي‎.
“خلال هذه الإجتماعات، سيتم جمع أكبر إجماع لبناء مجتمع ذي حياة رغيدة، وأفكار شي في حكم الدولة ستكون أكثر وضوحاً”، يقول سي مينغ، أستاذ في مدرسة الحزب التابعة للّجنة‎ المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
خلال السنوات الأربع الماضية، وجهت أفكار شي في الحكم التنمية فى الصين. كتاب “شي جين بينغ: الحكم في الصين”، والذي يضمّ مجموعة من خطاباته، يقدم رؤية لمفاهيمه، حل وحكمة للحكم.
المسؤولون من جميع المستويات يجب أن يجاري تفكيرهم مخطط شي الاستراتيجي، the Four Comprehensives، والذي هو عبارة عن إستراتيجية من أربعة محاور لتحقيق مجتمع ذو حياة رغيدة، تعميق الإصلاح، تعزيز سيادة القانون وحكم الحزب بشكل صارم.
بالنسبة للصين، الإستراتيجية تخلق السبل لبناء دولة إشتراكية حديثة.
بالنسبة للمراقبين، خطابات شي ومبادراته السياسية في الدورتين سوف ترسل إشارات حول كيفية سير الصين باتجاه ما يسميه شي “الحلم العظيم بإحياء الأمة الصينية”.
أفكار شي في الحكم، بدءاً من الأفكار الاقتصادية والإصلاح الاجتماعي إلى الشؤون الخارجية والتحول العسكري، أثّرت بشدة في مسيرة البلد.
في المجال الاقتصادي، قاد شي الصين لتحقيق نمو ملحوظ. لا تزال البلاد المحرّك الأهم للنمو العالمي، مع توقع صندوق النقد الدولي أن تشكّل مساهمة الصين 39 في المئة من النمو الاقتصادي في العالم في عام 2016.
وسمى شي المرحلة الحالية من النمو بـ “الوضع الطبيعي الجديد‎”، في الوقت الذي تتحول الصين إلى تنمية أكثر استدامة وتوزيع المنافع على نحو أكثر توازناً.
لضمان أن تكون إعادة التوازن الحاسم هذه ناجحه، دعا شي إلى “اقتصاد سياسي جديد”، يعتمد على، ويطوّر الفكر الماركسي.
عملية الإصلاح الهيكلي من ناحية العرض (Supply-side) هي المفتاح لفهم الاقتصاد السياسي الجديد والتنمية المستقبلية للصين.‎ وهو يختلف جذرياً عن اقتصاد العرض في الغرب “supply-side economics”، الذي يركز على التخفيضات الضريبية. عملية الإصلاح الهيكلي من ناحية العرض الصينية تنطوي على مجموعة من الإجراءات من بينها حل التخمة في العرض “overcapacity” وتطوير الاقتصاد الحقيقي.
قاد شي البلاد كي تحرّك الإصلاحات في جميع القطاعات التي تعزز حكم الدولة، مثل الديمقراطية التشاورية وسيادة القانون.
كما يرئس الرئيس الإصلاحي المجموعات واللجان التي تغطي المجالات الرئيسية بما في ذلك التمويل والشؤون الاقتصادية، والأمن الوطني، أمن الإنترنت والمعلوماتية الرائدة، فضلا عن التكامل العسكري والمدني. ويعتقد أن هذه الآلية تساعد في تعزيز قيادة مركزية وموحدة للحزب في حكم الدولة.
لقد ضغط شي من أجل وضع السلطة في الإطار المؤسسي. قرار إنشاء لجنة الإشراف الوطنية لوضع استخدام السلطة تحت إشراف دقيق يجسد هذا النموذج.
لبناء حزب حاكم نظيف ومتقدم، قام شي بحملة واسعة ضد الفساد الذي حذر من أن يؤدي إلى انهيار الحزب وسقوط الدولة. منذ تولى شي رئاسة الحزب، اكتسب محاربة الفساد “الزخم الساحق” والدعم الشعبي اللذين سمحا بمعاقبة 240 على الأقل من المسؤولين على المستوى المركزي وأكثر من مليون من المسؤولين على مستوى منخفض لانتهاكهم قواعد الحزب الشيوعي الصيني والحكومة.
قال عدد من كبار المسؤولين المحليين في الدورات التي اختتمت مؤخرا من الهيئات الاستشارية التشريعية والسياسية في 31 مقاطعة ومنطقة ذاتية الحكم وبلدية في الصين إن حماية “وضع شي في القلب” هي “قضية سياسية ذات أهمية قصوى”.
شي ورفاقه يجب أن يتخذوا خطوات لضمان نجاة الصين من “فخ الدخل المتوسط” ـ الذي تمكن عدد قليل من البلدان النامية النجاة منه ـ والاستمرار في الانفتاح لدعم النمو العالمي.
في خطابه بمناسبة العام الجديد، دعا شي أبناء الأمة إلى أن “نشمّر عن سواعدنا ونعمل بجد”.
قبل الدورتين، زار شي مقاطعة خبي، وقال إن التخفيف من حدة الفقر كان خطوة جوهرية لبناء مجتمع مزدهر باعتدال.
خلال فترة 2013-2016 تم انتشال 55 مليون شخص من الفقر، وهو عدد من الأشخاص أكبر من عدد سكان كوريا الجنوبية. وتخطط الصين للقضاء على الفقر بحلول عام 2020.
أثناء عملية التفتيش في بكين، أكد شي على بناء مدينة موجهة للشعب من خلال معالجة مشاكل الاكتظاظ السكاني وازدحام المرور، وارتفاع أسعار المساكن وتلوث الهواء.
كما سلط الضوء على التنمية المنسقة من بكين وتيانجين وخبي، وهو مشروع طموح لربط أكثر من 100 مليون نسمة لتصبح المنطقة محركاً هاماً للنمو الاقتصادي في البلاد. وقد تم إحراز تقدم هائل في مجالات النقل والصناعة والبيئة في السنوات الثلاث الماضية.
وفي ورشة عمل في شباط/ فبراير، حضرها عدد من المسؤولين على مستوى المقاطعات والوزارات، حث شي المشاركين على “اختيار العبء الأكبر وكسر أصعب المكسرات” عند السعي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
“مستقبل مشترك”
يسعى شي أيضاً لترسيخ مشهد عالمي قائم على معادلة “رابح ـ رابح” للجانبين، والتنمية المشتركة، والمساواة، وتسليط الضوء على صورة البلاد كلاعب مسؤول ونشط في الحوكمة العالمية.
لقد حضر اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في كانون الثاني/ يناير، وكان ملهماً للعالم عن طريق الدعوة للتجارة الحرة والتحذير من الحمائية.
وأبلغ شي المنتدى إن الصين ليست فقط المستفيدة من العولمة الاقتصادية، ولكنها أيضاً مساهمة فيها. تحقيقا لهذه الغاية، قال إنه دعا مراراً لبناء “مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.”
في أوائل شباط/ فبراير، عقد شي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب محادثة هاتفية حول العلاقات الثنائية، وهي خطوة أولى جيدة في توطيد العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
قال داريل ويست، مدير دراسات الحكم في معهد بروكنغز: “هما ـ الولايات المتحدة والصين ـ من الدول الرائدة، ومن الأهمية بمكان أن تكون هناك اتصالات مفتوحة بينهما حتى لا يكون هناك سوء فهم”.
ومن المتوقع أن تحشد الدورتان التأييد للجولة المقبلة من الإصلاحات في البلاد. الآلاف من النواب والمستشارين السياسيين سيتحدثون حول مختلف القضايا بما في ذلك العولمة الاقتصادية، والدفاع الوطني والدبلوماسية.
كل الحزب والأمة ستتوحد بشكل وثيق حول اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى مع اعتبار شي قلباً لها.
“هذا أمر ضروري” قال زاو آن تشانغ، نائب مدير أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية الذي أضف: “بينما نحن نتعامل مع هذا الوضع المعقد في الداخل والخارج، لا يمكن أن نضيّع الاتجاه.”
إنها تجربة فريدة من نوعها أن يكون هناك حزب سياسي قوي يضم 88 مليون ويلتف حول قيادته، ثم يوحد ويقود أكثر من 1.3 مليار نسمة نحو وجهة واحدة من شأنها أن توفر فوائد ليس فقط لهؤلاء ولكن أيضاً إلى الناس في جميع أنحاء العالم.
ويقول ون يانغ، وهو باحث في معهد الدراسات الصينية في جامعة فودان: “يقف وراء كل ذلك الفلسفة الصينية في الحكم، بما في ذلك مفهومي (مين يي) أي الرأي العام، و(مي سين) أي قلوب وعقول الناس”.
ويضيف: “الأفكار الجديدة، واستراتيجيات حكم الدولة تحت قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي مع شي باعتباره قلباً لها، تمتلك أساس متين لدى الرأي العام. لقد أثبتت نجاحها من خلال الخبرة، لقد حصلوا على تأييد الشعب”.
“كل هذا سوف يصبح موضوعاً هاماً للـ “الدورتين” و”المؤتمر الوطني ال19 للحزب الشيوعي الصيني”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.