موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق ((شينخوا)): البيان المشترك الجديد يرسل إشارة قوية بشأن السلام والتعاون في بحر الصين الجنوبي

0

في وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت الصين وأعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) بيانا مشتركا بشأن بحر الصين الجنوبي في القمة الـ25 بين الصين والآسيان التي عُقدت في بنوم بنه بكمبوديا.

وتماشيا مع روح إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي المعمول به منذ 20 عاما، أظهر البيان المشترك للعالم ليس فقط الإرادة المشتركة والتصميم المشترك لدى الصين وأعضاء الآسيان على جعل بحر الصين الجنوبي بحرا للسلام والصداقة والتعاون، وإنما أيضا استعدادهم لدفع المشاورات بشأن ميثاق السلوك في البحر والثقة في القدرة على التوصل إلى إجماع بشأن ميثاق السلوك في وقت مبكر.

منذ فترة طويلة، يعمد عدد قليل من البلدان خارج المنطقة إلى تشويه الحقائق، وإثارة التوترات، والتحريض على المواجهة في المنطقة. وواشنطن، على وجه الخصوص، تجاهد للترويج لما يسمى بتهديد “حرية الملاحة” في بحر الصين الجنوبي، وهو إدعاء ملفق بحت.

والحقيقة تبين أنه في الوقت الذي تسافر فيه الآن حوالي 100 ألف سفينة تجارية على طريق الشحن المزدحم هذا سنويا، لم تُبلغ سفينة واحدة عن تهديد سلامتها في بحر الصين الجنوبي.

والواقع إن التهديد الذي تدعيه واشنطن لـ”حرية الملاحة” يصبح أكثر دقة عندما يُستخدم لوصف وجودها العسكري المتزايد في المنطقة. فتحت ذريعة حرية الملاحة، كثيرا ما ترسل الولايات المتحدة سفنها الحربية وحاملات طائراتها إلى المياه الإقليمية، وأجرت العديد من المناورات العسكرية. ومثل هذا الاستعراض السافر للقوة يزيد عمليا من حدة التوترات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويقوض السلام والاستقرار هناك.

وكما هو واضح تماما، فإن سيادة الصين وحقوقها ومصالحها في بحر الصين الجنوبي قد تشكلت على مدار تاريخ طويل، ولها أساس تاريخي وقانوني وفير. ومن الواضح أيضا أن الصين تناصر الحفاظ على السلام والاستقرار وقنوات الملاحة الخالية من العوائق في بحر الصين الجنوبي، لأن “حرية الملاحة” في البحر تخدم مصالح جميع الأطراف، بما في ذلك مصالح الصين.

فالصين، كونها أكبر تاجر للسلع في العالم، تنقل 60 في المائة من عمليات الشحن الخاصة بها عبر بحر الصين الجنوبي. وتقع سبعة من أكبر عشرة موانئ من حيث حجم البضائع في العالم في الصين، ومنها يتم شحن كميات كبيرة من البضائع من قبل شركات ملاحة أجنبية إلى أنحاء أخرى من العالم عبر بحر الصين الجنوبي. وإذا تعرضت “حرية الملاحة” للخطر، فإن الصين ستكون الضحية الأولى.

وبالنسبة للولايات المتحدة ودول أخرى خارج المنطقة، وسط سعيهم إلى تعكير صفو المياه في بحر الصين الجنوبي في محاولة منهم لزرع بذور الشقاق بين الصين ودول المنطقة، فإنهم ربما شعروا بالخذلان مع إصدار البيان المشترك في بنوم بنه، لأنه سيكون من الصعب عليهم زرع بذور شقاق جديد بين الصين ودول الآسيان.

في الواقع، العلاقات بين الصين والآسيان كانت وستظل سليمة وصحية وقوية. ودول الآسيان بالنسبة للصين هم جيران قريبون عبر البحر وأصدقاء جديرون بالثقة وشركاء في التنمية المشتركة، وقد تعهدت الصين بالمضي بثبات في تعاملها مع الآسيان باعتبار ذلك أولوية قصوى في دبلوماسية الجوار التي تتبعها.

إن الصين هي أول من أقام شراكة استراتيجية مع الآسيان، وهي أيضا أول من انضم إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا، وأول من بدأ مفاوضات بشأن إقامة منطقة تجارة حرة مع الكتلة الإقليمية.

لقد أصبحت الصين والآسيان أكبر شريك تجاري لبعضهما البعض في عام 2020. وفي الأشهر العشرة الأولى من عام 2022، ظلت الآسيان أكبر شريك تجاري للصين، حيث شكل حجم تجارتها مع الصين 15.2 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية للبلاد.

وفي دفعة للتنمية المشتركة، وقعت الصين والآسيان الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة وتعملان على تنفيذها، وقامتا معا ببناء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، لترتقيان بذلك بتنميتهما إلى مستوى جديد.

وكجهد جديد لتوطيد العلاقات والتعاون بين الجانبين، اتفقت الصين ودول الآسيان في القمة الـ25 بين الصين والآسيان التي عُقدت في وقت سابق من هذا الشهر على مواصلة تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، وأعلنتا معا عن الإطلاق الرسمي للمفاوضات بشأن جولة جديدة من رفع مستوى منطقة التجارة الحرة بينهما.

لقد أثبت تدخل فاشل من جانب نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس مرة أخرى مدى استقرار العلاقات بين الصين والآسيان.

فخلال زيارة قامت بها مؤخرا للفلبين، أثارت هاريس عبارة “حرية الملاحة” مرة أخرى لدق أسافين جديدة في المنطقة. غير أنه مع تعهدات جوفاء مثل “الولايات المتحدة تقف مع الفلبين” وعقلية لعبة محصلتها صفر وسياسة التكتلات، وجدت نفسها غير متوافقة مع إيقاع وتناغم المنطقة.

وبشكل عام، تتمتع الصين ودول الآسيان بالحكمة والقدرة على حل الخلافات والحفاظ على المفتاح في أيديهم للتعامل مع القضايا المتعلقة ببحر الصين الجنوبي. وإن بناء بحر الصين الجنوبي ليصبح بحرا من السلام والصداقة والتعاون هو هدف مشترك وتصميم مشترك لهم. ومن الحكمة أن تتوقف دول من خارج المنطقة عن التدخل في بحر الصين الجنوبي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.