موقع متخصص بالشؤون الصينية

تعليق: بإشعالها شرارة الحرب والفتن في العالم … الولايات المتحدة صانعة المشاكل دائما

0
صحيفة الشعب الصينية:

لا تزال تداعيات الغارة الأمريكية على مطار بغداد في العاصمة العراقية واغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني مستمرة. في الأيام الأخيرة تعالت أصوات الإدانات من المجتمع الدولي ومن الداخل الأمريكي أيضا وقد توترت الأوضاع في الشرق الأوسط مرة أخرى. في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية أونلاين، قال خبراء بأن الولايات المتحدة هي مصدر العديد من المشاكل إذ أنها لا توفر أبدا أي حلول بل على العكس هي لا تخلق إلا المزيد من العقبات أمام حل المشكلات.

تجاهل القواعد الدولية

قال لي هاي دونغ، الأستاذ بقسم العلاقات الدولية بالمعهد الدبلوماسي في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية أونلاين إن ما يسمى “بالاستخبارات” التي يعتمد ترامب عليها لقرار الاغتيال غير مقنعة. إذا نظرنا إلى الوراء فقد شنت الولايات المتحدة حربا على العراق في عام 2003 مستندة في ذلك على معلومات مضللة ومسيّسة مما تسبب في أضرار جسيمة للشرق الأوسط، وهذه العملية المتهورة ضد إيران قد تجعل المأساة تتكرر مرة أخرى.

أما جين تسان رونغ، الأستاذ في كلية العلاقات الدولية بجامعة الشعب الصينية والخبير في القضايا الأمريكية فقد قال بأن سلوك الولايات المتحدة هذه المرة يعد انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي و “سلوكا سيئا للغاية”.

“بصفتها القوة رقم واحد في العالم، اختارت الولايات المتحدة طريقة الإغتيال لقتل قائد عسكري لبلد ما في دولة ثالثة، مما يعكس الجانب المبتذل والوحشي لها في التعامل مع الشؤون الدولية، وهو ما يتعارض مع الحضارة والمبادئ التي تتشدق بها دائما.” أشار لي هاي دونغ إلى أن “الاغتيال”، وهو وسيلة مرفوضة على نطاق واسع من قبل المجتمع المتحضر وانحراف خطير عن ميثاق الأمم المتحدة يتم إعادة استخدامه من قبل الولايات المتحدة في الوقت الحاضر ولا يمكن القول إلا بأنه محزن بالنسبة لدولة متحضرة.

المشاعر المناهضة للحرب لا تزال ترتفع

أدت عملية “قطع الرأس” التي انتهجتها الولايات المتحدة ضد إيران إلى إثارة مشاعر مناهضة للحرب لدى الشعب الأمريكي. في الأيام الأخيرة عقدت أكثر من 70 مدينة، بما في ذلك نيويورك وشيكاغو وفيلادلفيا وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس وسياتل، تجمعات مناهضة للحرب احتجاجا على زيادة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط والمطالبة بسحب القوات الأمريكية من العراق. على وسائل التواصل الاجتماعي، كان أعداد الأمريكيين المناهضين للحرب لا نهاية له. وردا على قضية إيران والولايات المتحدة فقد تصاعد النقاش على تويتر أيضا وأدان معظم المغردين تصرفات الولايات المتحدة وطالبوا بالسلام.

الترجمة: الهجوم الإيراني على الجيش الأمريكي جعلني أستحضر ذكرياتي المتعلقة بعمليات الإنزال في ذروة حرب العراق سنة 2005 واستمرار الهجمات الصاروخية ما يذكّر الناس كل يوم بالتكلفة المأساوية للحرب إذا استمرت هذه المواجهة في التصاعد. (هذه هي تولسي جابرد، عضوة بالكونغرس عن الحزب الديمقراطي والتي خدمت في الجيش الأمريكي في العراق من 2004 إلى 2005).

الترجمة: لا أريد أن أشهد حربا عالمية في حياتي. ألا تعلمنا التجارب السابقة أي شيء؟

“كلما تدخلت الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كلما تعقدت الأمور أكثر وقل شعور الناس بالأمن والأمان”. هكذا أشار لي هاي دونغ إلى أن تورط الولايات المتحدة المتكرر في شؤون الشرق الأوسط قد تسبب أيضا في أضرار جسيمة لها: كان بإمكانها استخدام المزيد من الموارد لحل سلسلة من المشكلات الداخلية، مثل العمالة والتأمين الطبي واستقطاب الأحزاب وما إلى ذلك، لكنها الآن أنفقت الكثير من الأموال للتدخل في الشرق الأوسط وأهدرت الكثير من الموارد والفرص لعمليات التحسين والتصحيح الداخلي، وكل هذا بلا شك سبّب استياء كبيرا لدى عامة الشعب الأمريكي.

قال لي هاي دونغ “إن الشعب الأمريكي يظهر عادة سخطه عن طريق التصويت. الإتجاه النهائي للانتخابات الرئاسية الأمريكية لهذا العام لم يتبين بعد”.

أيديها ملطخة بالدماء وهي تتحدث عن السلام

أيدي الولايات المتحدة ملطخة بالدماء في الشرق الأوسط.

في عام 2003 تجاوز التحالف الأمريكي البريطاني مجلس الأمن واستخدم حيازة صدام حسين لـ “أسلحة الدمار الشامل” كذريعة لحربه على العراق. وبعد أكثر من7 سنوات لم تجد الولايات المتحدة ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل، لكنها أنهت الحرب على أساس أن نظام صدام قد دمر بالفعل الوثائق والشهود. لكن في النهاية كشفت وسائل الإعلام الأمريكية أن حيازة العراق المزعومة لأسلحة الدمار الشامل كلها كانت معلومات كاذبة.

وذكر “سجل حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في عام 2011” الصادر عن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني أن الولايات المتحدة شنت حربا زاعمة فيها أنه “تدخل إنساني” و “من أجل بناء دولة ديمقراطية جديدة”، لكنها تسببت في كارثة إنسانية.

تظهر سجلات حقوق الإنسان أن حرب العراق التي شنتها الولايات المتحدة قد أسفرت عن مقتل 655 ألف شخص في العراق، وتلويحها بالتدخلات العسكرية في الشرق الأوسط يؤذي الآخرين بشدة. لقد كلفت حرب العراق على سبيل المثال ما مجموعه 800 مليار دولار أمريكي ووفاة 4500 جندي أمريكي وإصابة 50 ألف جندي آخرين بعاهات دائمة.

وفي حديثه عن سبب إصرار الولايات المتحدة على التدخل في الشرق الأوسط، قال لي هاي دونغ إن أصل المشكلة يكمن في المفهوم الأمني المشوه للولايات المتحدة. إذ أنها تعتقد أن التهديدات الأمنية تأتيها من العالم الخارجي وليس من الداخل. “فقط عندما يكون العالم الخارجي مثلها وأكثر، ودرجة “الأمركة” أعلى، يمكنها أن تكون أكثر أمانا”. وبناء على هذا المفهوم تتدخل مرارا وتكرارا في شؤون الدول الأخرى خاصة في الشرق الأوسط والتي شنت فيه العديد من الحروب مما تسبب في تخريب وتدمير سيادة الدول هناك.

أشار لي هاي دونغ بالقول: “لقد أدت تدخلات الولايات المتحدة إلى جعل الشرق الأوسط أكثر فوضوية وتعقيدا، مع حروب متكررة ونزوح عدد لا يحصى من اللاجئين، وظهور تنظيم داعش الإرهابي”. وبسبب الحرب لم تحل بعد مشكلة اللاجئين في الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي يعاني فيه الحلفاء الأوروبيون من مشاكل اللاجئين، تغلق الولايات المتحدة أبوابها تدريجيا أمامهم ، كما اتضح فيما بعد بأنها هي مصدر المشاكل، ولا تقدم أبدا أي حلول بل هي تخلق المزيد من العقبات. كل هذا كان له تأثير مدمر وسلبي على الشرق الأوسط، وليس العكس.

كما أضاف قائلا: “قاسم سليماني هو أقوى معارض لتنظيم داعش في الشرق الأوسط، لكن بعد اغتياله من قبل الولايات المتحدة من الصعب القول بأن ذلك لن يؤدي إلى انتشار إرهاب داعش المتطرف في الشرق الأوسط مجددا. وسواء أكانت الولايات المتحدة تريد الحفاظ على السلام والإستقرار أو خلق مزيد من الفوضى في الشرق الأوسط، فإن المجتمع الدولي له رأي خاص في ذلك”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.